جوابا عن السؤال: هل ترضاه لأختك؟!


ترضاه لأختك

ملاحظة: أنا هنا أناقش الموضوع وأشخص أزمة العقول المريضة والمتخلفة وبالتالي المقال طويل نسبيا لذلك ربما لن تقرأه "أمة اقرأ" كاملا حيث يفضل الكثيرين الإجابات السطحية القصيرة والمباشرة، إلا ان تلك الإجابات ليست كاملة ولا تحيط بالسؤال من كل جوانبه وبالتالي لا ينبغي أخذها بعين الاعتبار. الجواب المباشر عن السؤال ستجدونه في الفقرة ما قبل الأخيرة.

سؤال يطرحه المحافظين على التقدميين كلما كان هناك نقاش حول موضوع الحريات الفردية، ويظهر مفحما في أعين الذين لا يتفقون مع الأراء التقدمية والحداثية غير انه ليس كذلك إذا محصناه وفكرنا فيه قليلا، ويطرح السؤال بعدة صيغ مثل "هل تقبل لأختك ان يكون لها خليل وصديق؟ ماذا سيكون رد فعلك لو وجدت أختك تقبل حبيبها؟" ويتأسس هذا السؤال إذا على عدة قناعات وهي اعتبار الجنس خارج الزواج حرام ومنكر، وقناعة اعتبار الأخ راع وولي أمر اخته ويحق له التدخل في حياتها الشخصية، وقناعة ثالثة تنظر بازدراء شديد الى علاقة الرجل بالمرأة، أي لا يحق لشخصين راشدين التواجد في مكان واحد معزول بعيدا عن العامة مهما كانت العلاقة التي تربطهما سواء كانت علاقة عمل او صداقة او حتى خطبة! إذا فالذي يطرح هذا السؤال يعتبر الجلوس مع فتاة قرب الشاطئ مثلا منكرا وأن كل ما قد يفكران فيه هو الجنس ولا شيء غير الجنس. فبدون هذه القناعات لا يمكن للسؤال أن يطرح، وسنأتي الان لمناقشتها.

وسم المتخلفين: الأخ ولي أمر اخته ويحق له التنمر عليها

في المجتمعات المتخلفة كمجتمعات شمال افريقيا والشرق الأوسط فإن هناك تهميش للأنثى أمام الذكر حتى في الأسر والعائلات، وفي كثير من الأحيان تعطى الصلاحية للأخ ليعاقب اخته بالضرب والشتم وغير ذلك من الأساليب التحقيرية كلما هددت ما يسمى "شرف العائلة" كأن تصاحب شخصا ما او يتم التجسس عليها وهي في وضع حميمي مع حبيبها. ومن هنا يأتي السؤال "هل تقبل لأختك ان تمارس الجنس؟" الذي يفترض مسبقا أن للأخ سلطة كاملة على اخته والتي بموجبها يمكنه التدخل في حياتها الشخصية وعلاقاتها الاجتماعية. لكن لنفترض أن "لك مشكلة مع ذلك" ولا تقبل ولك كل السلطة للتفرعن والإستقواء على اختك، هل هذا يعني انها لن تمارس الجنس أو تصاحب شخصا ما؟  طبعا لا، لأن ما تريده انت شيء وما تريده أختك شيء آخر، وهما كنت حريصا كي لا تصاحب او تحدث الفتيان فستطبق ما يمليه عليها عقلها وقناعتها، أي انها في نهاية المطاف لو أرادت ان تمارس الجنس فستمارسه بعلمك او بدون علمك! ما عدا إذا كنت قادرا على إبقائها في المنزل 24/24 ساعة وتتجسس عليها في كل ثانية وتركب الكاميرات في كل زاوية وتراقبها أينما حلت وارتحلت! إذا ما يمنع أختك من ممارسة الجنس أو المصاحبة... ليس أنت بل ما يمليه عليها عقلها وقناعاتها وفهمها وتجربتها... ففي أكثر المجتمعات كبتا وتدينا لا يزال للمرأة هامش من الحرية مهما كان صغيرا يمكنها ان تقوم فيه بما لا يعد ولا يحصى مما يمليه عليها عقلها. 

النفاق الاجتماعي: سأصاحب كل الفتيات ولا أريد لأحد ان يصاحب أختي!

الذين يشمئزون من علاقة صداقة أو حب وغرام بين شخصين بالغين (او غير بالغين) فإنهم منافقين بالضرورة، وتجدهم ينعتون أخواتهم بأقبح النعوت ويهددونهن وربما يصل الأمر الى العنف الجسدي لا لشيء سوى ان أختا لها صديق. هم منافقين لأنهم هم أنفسهم يمارسون ما يشمئزون منه ويحتقرونه، فلا يوجد شاب ولا شابة لم يحدث الجنس الآخر او لامسه او عاش معه مشاعر الحب (الغرام) او الصداقة، فنحن نحس بالحب ونتعلمه أيضا منذ سن مبكرة، والإحساس بالحب معطى إنساني بيولوجي فطري في الإنسان. غير أن أصحابنا السائلين ينسون كل هذه الحقائق عن الحب كشعور نبيل ويختزلون العلاقة بين الذكر والأنثى فيما هو سلبي، غير أنهم وكما قلت منافقين، إذ يصاحبون ويعشقون وبكوا ذات يوم بسبب الحب وقبلوا فتاة/فتى، أي انهم عاشوا تجربة الحب على الأقل مرة واحدة في حياتهم، ومع ذلك ينظرون الى العلاقات الرضائية باشمئزاز وازدراء شديدين. أليس هذا هو الانفصام؟ أي تفعل عكس ما تقوله، ما عدا إذا كان اصحابنا في نيتهم يستغلون الاخرين أبشع استغلال لينزلوا منزلة أدنى من الحيوان. وكنتيجة ذلك، على الذين لا يتقبلون العلاقات الرضائية وعلاقات الحب والصداقة أن يكونوا صادقين مع ذواتهم ويجتنبوا الجنس الأخر ويجتنبوا علاقات الصداقة والغرام... غير أنني متأكد أنهم لن يفعلوا ولن يقدروا على مقاومة الغريزة البشرية وفطرة الحب، وأقصى ما يمكنهم فعله بهذا الخصوص هو الاستمرار في النفاق والتناقض.

فتاة حداثية ومتحررة عاهرة بالضرورة؟

ماذا عن الفتاة التي تصادق وتصاحب أي لها عاشق؟ أليس ذلك من حقها؟ كما يحق للذكر ان يصاحب ويصادق فكذلك الفتاة. ولنفترض أن فتاة تقول عن نفسها أنها حداثية وعلمانية وحتى ملحدة، فهل هذا يعني أنها عاهرة يمكن تملكها بالمال؟ طبعا لا، فهذه احدى المغالطات المنتشرة بكثرة في أذهان العقول المريضة خصوصا الذين يشيطنون المدافعين عن الحريات الفردية. الفتاة سواء كانت مؤمنة أو ملحدة، محافظة او متحررة، لا تمارس الجنس ولا تتصاحب مع كل من هب ودب عكس معظم الذكور، ونلك احدى الخاصيات المميزة للتركيبة النفسية للأنثى، أي انها لن تكون على علاقة صداقة او غرام سوى مع من تحبه وتتق به ولن تمارس معه الجنس إلا إذا كانت تعشقه عشقا جنونيا. اما اللواتي يبعن أجسادهن مقابل المال فيفعلن ذلك مكرهات لأسباب اقتصادية، وفي المجتمعات ذات الغالبية المؤمنة فالعاهرات أغلبهن مؤمنات بل ومحافظات أيضا... بل تجدهن أيضا منافقات ضد الحريات الفردية واستقلال الفرد! فالحداثة لا تعني العهر والعهر لا يستلزم فتاة منفتحة وحداثية. ويبقى للفتاة أخيرا القرار في أن تفعل ما تريد بجسدها وذاتها وكيانها، ولا ينبغي أن تخول لأحد غيرها السلطة للتدخل في حياتها الشخصية. 

كيف يجب أن تكون علاقتنا بأخواتنا. 

شخصيا لا أتدخل في الحياة الشخصية لأختي ما دامت بالغة تجاوزت سن 18 سنة، ولا هي تتدخل في حياتي الشخصية، وأنا أتصاحب وأصادق وقد عشت الحب والغرام لذلك لا أرى أي مبرر لأمنع أختي من ذلك الشعور الإنساني النبيل، وأعتبر انه من حقها ان تعيش حياتها كما تريد ومع من تريد. لكن هذا لا ينقص من رجولتي او فحولتي او غيرتي على أختي كما يعتقد المحافظون الرجعيون، فالغيرة على الأخت ينبغي ان لا تتمثل في سجنها وإكراهها على ما هو ضد سعادتها بل السعي إلى اسعاها ورسم ابتسامة دائمة على محياها وحمايتها، هذا إذا افترضنا ان تكون كبير على اختك بعدة سنوات أما إذا كانت هي التي تفوقك بعدة سنوات فهي تعلم ما لا تعلم ! ولا أتدخل في علاقات اختي بأصدقائها وصديقاتها وحبيبها. لا يحق لي أن اتدخل الا عندما تستدعيني هي او إن كانت في حالة خطر او يتم اكراهها واجبارها على ممارسة ما... أي كل ما ينافي إرادتها، كما تتميز علاقتي بها بالمناقشة وتبادل النصائح. وهذا إذا هو جوابي على السؤال، أما الكلام الذي يراد منه التطفل وتشويه المفاهيم والتسرع الى النتائج المغرضة قبل تحليل المقدمات والجمل السطحية النابعة من الصرف الصحي للشارع فمكانها ان تضل في الصرف الصحي لا أن يناقش بها.

أختك ستنكح ستنكح بيك ولا بلا بيك!

إذا كنت من المتخلفين المتناقضين مع ذواتهم الذين يمارسون الجنس ويحرمونه وتشمئز من العلاقات الغرامية فأختك ستنكح ستنكح في نهاية المطاف! وحتى ان تزوجت فقد تتطلق أي انها فعليا مارست الجنس! وتبحث عن زواج جديد لممارسة الجنس! ما دمتم لا ترون في العلاقات الإجتماعية غير الجنس! فالذي يعتبر الفتاة ضحية لمجرد أن يكون لها خليل ورفيق فإنه بلا شك يتألم نيابة عنها في ليلة دخلتها! ولا يتقبل فكرة أن أخته مثله وككل انسان تريد الحب والجنس وغيرها من الحاجات الضرورية للإنسان. كونوا صادقين مع أنفسكم ومع الآخرين.