مصطلح " caucasiens"
اي قوقازيين استعمله لاول مرة الفيلسوف الالماني Christoph
Meiners عام
1785 لوصف عرقين فقط : القوقازيين (الارقى و الاجمل) و المنغوليين (القباح و
الادنى)، و قد استعمله لأول مرة Johann Friedrich Blumenbach عام 1795
لوصف ذوي البشرة الفاتحة (البيضاء) الاوربيين، و هو انتربولوجي الماني عاش ما بين
القرنين الثامن عشر و التاسع عشر ، حيث
كان يعتقد ان القوقاز (منطقة جغرافية تقع حاليا بين تركيا و روسيا) اصل البشر
انذاك، وقد جاء في الكتاب المقدس (الانجيل) ان نوح بنى فلكه/سفينته في منطقة
القوقاز و هذا ما كان يعتقد به معظم الاوربيين في عصر Blumenbach
في ذلك الوقت كانت
البيولوجيا لا تزال بدائية و كذلك الانتربولوجيا حيث سادة المعتقدات الدينية التي
تفسر وجود الكائنات الحية بتفسيرات ميتفيزقيا و Blumenbach عاش قبل
داروين مما يعني انه لا دراية له بأصل البشر و الكائنات الحية لذلك اعتقد ان اصل البشر
القوقاز،
و قد قام Johann
Friedrich Blumenbach
بتقسيم الاعراق البشرية الى "خمسة اعراق" [1] اعتمادا على لون الجلد و
الاعين و لون الشعر حيث ميز :
1-القوقازيين :
العرق الابيض، و 2- المنغوليين: العرق
الاصفر، و 3- الماليين: العرق الداكن اللون، و 4-الاثيوبيين: العرق الاسود، و 5-
الأمريكيين: العرق الاحمر
و بالتالي فهو
معيار قديم يعود للقرن الثامن عشر قبل اكتشاف اصل الانسان و الكائنات الحية و
الميكانيزمات التي تؤدي بها الى التغير و التطور (الانتخاب الطبيعي و الطفرات) ، و
كل من يقول ان هذا التصنيف علمي فهو يستغبي نفسه و الاخرين، بل هو تصنيف شخصي
اقترحه الانتربولوجي الالماني كما قلنا حسب فهمه انذاك كاجتهاد منه و ليس هناك
اجماع علمي حول هذا التصنيف ، و رغم ذلك يستخدم ثقافيا خصوصا في أمريكا حيث ينعت
عدد من الناس البشر ذوي البشرة الفاتحة ب "القوقازيين" caucasians
. أما علميا فليس هناك معيار محدد للعرق و لا يعترف المجتمع العلمي بمعيار محدد
للعرق ولا يستخدم اصلا في أدبيات المجتمع العلمي، ذلك بسبب اختلاف المعايير و كون
كل فرد فريد من نوعه على مستوى حمضه النووي DNA
و هذا ما تؤكده عدة ابحاث و مجلات علمية متخصصة منها المجلة العلمية الامريكية
المرموقة Scientific
American
[2]
فالحقيقة ان اصل
البشر ليس هو القوقاز كما كان سائدا ايام جون فلمينباخ حيث ساد انذاك التفسير
الديني الذي يرى ان نوح هو اب البشر قبل "الطوفان العظيم" و منها فرضية
ادم و حواء، فقد شكل اكتشاف عالم البيولوجيا تشالز داروين لنظرية التطور ثورة
علمية قام بقلب الافكار السابقة رأسا على عقب، و منذ ايام نشره لكتابه "اصل
الانواع" زادت الدلائل المؤيدة لنظرية و قد شكل اكتشاف الحمض النووي DNA
ثورة علمية اخرى جعلت التطور حقيقة علمية حيث لا توجد اليوم جامعة او مؤسسة علمية
تشكك فيها، و لا معنى للبيولوجيا بدون تطور، و قادت الابحاث العلماء الى التأكيد
ان اصل الانسان مهما كانت القارة التي يتواجد فيها الان هو افريقيا، و مؤخرا
اكتشفت جمجمة ايغود في المغرب قرب اليسوفية [3] التي يؤكد العلماء انها اقدم الجمام التي تعود للانسان العاقل و تعود لما قبل 300 الف سنة ذلك بعد ان كان
يعتقد ان اصل الانسان العاقل في نواحي اثيوبيا قبل 200 الف سنة. و هذه المعطيات العلمية تدعم يوما بعد اخر كون
الانسان العاقل منبعه افريقيا، وفيها ايضا تم اكتشاف اقدم الجماجم التي تعود
للانسان غير العاقل كـ "لوسي" التي تم اكتشافها بإثيوبيا عام 1974
وتنتمي لنوع الاسترالوبيتيكوس Australopithecus و هي اقدم ب3.2 مليون سنة،
لذلك فأسلاف الانسان اقدمها تم اكتشافه بإفريقيا.
الانسان العاقل
خرج من افريقيا قبل حوالي 70 الف سنة و استعمر انسان النياندرتال و انسان هومو اريتيكوس
حيث انقرضا نهائيا، و قد وصل جنوب اسيا قبل 50 الف سنة و واستمر حتى استراليا حيث
تواجد الانسان العاقل هناك قبل 40 الف سنة ، و من اسيا ايضا الى اوربا قبل وصل
الانسان العاقل اوربا قبل 40 الف سنة. [4]
اما تغير لون
الجلد فسببه يرجع لتغير درجة الحرارة و اشعة الشمس كعامل اول، و قد اكتشف خلال
السنوات القليلة الماضية ان هناك جينين مسؤولين عن تغير لون جلد الاوربيين الى لون فاتح (ابيض) هما SLC45A2 و SLC24A5 حيث بينت
دراسات [5] ان هذين الجينين بتواجدهما يصبح لون الجلد فاتحا، فقد كان لون جلد
الاوربيين خصوصا في اسبانيا و اللكسمبورغ
و هنغاريا داكن اسود بسبب غياب هذين الجينين، و قد حمله اليهم قبل حوالي 7800 الى
8000 سنة المزارعين و الصيادين القادمين من الشرق الادنى، غير انه في شمال اوربا
في البلدان الاسكندنافية حاليا تم اكتشاف هذين الجينين مسبقا [6] مما يؤكد ان الاوربيين قبل 8000 سنة كان
لونهم داكن الى اسود، فكلما ابتعدنا من خط
الاستواء نحو القطبين كلما صار لون البشرة فاتحا و كلما اقتربنا من خط الاستواء
كلما كان لون البشرة غامقا، و بسبب عامل الانتخاب الطبيعي ايضا ذلك ان الجينات
تتأثر بالبيئة فقد بين تحليل الحمض النووي لجماجم الانسان الاوربي تعود لما قبل
8000 الاف سنة غياب الخاصيتين SLC45A2 و SLC24A5 مما يؤكد ان
الانسان الاوربي بشرته لم تكن دائما فاتحة بل اكتسبت بشرته هذه الخاصية فيما بعد،
و قد كان العلماء يعتقدون ان لون الانسان الذي يعيش في شمال اوربا و في مناطق من
اسيا يعود لما قبل 40 الف سنة اي قبل وصول الانسان الحديث الى القارة الاوربية و
هذا ما تنفيه اخر الدراسات التي بينت ان الانسان الاوربي تفتحت بشرته قبل حوالي
7000 الى 8000 سنة [7].
______________________
مراجع:
[6]-نفس المصدر
السابق