
اذا كان اختيار دراسة الادب نتيجة الهروب من صعوبة العلوم الطبيعية و الرياضيات فاعلم انه في هذه النقطة لا نعلم ايهما أكثر صعوبة هل هو ان تصبح عالم فيزياء او كاتب و فيلسوف مشهور ؟
في الحقيقة نادرا ما يجمع الشخص الواحد بين اهتمامات مختلفة في مجال الدراسة فاذا كان الفيزيائي يجيد الحسابات و اتقان التجارب فإنه لا يجيد كتابة أي نص ادبي بالمعايير التي يرديها الأدباء، و نفس القانون يطبق على الأديب العظيم فهو لا يبرع في العلوم و لا يفهم فيها شيئا، لكن حظه في الادب وفير و معرفته غنية في هذا المجال. فليس الاداب سهلا كما يروج عند الطلبة، نعم قد يكون الحصول على شهادة جامعية في مادة أدبية كاللغة سهلا على عكس دراسة العلوم و التخرج فيها ، لكن ليس كل الطلاب الذي يدرسون اللغات و الادب سيصبحون ادباء و ليس كل الطلاب الذين يدرسون العلوم مؤهلون ليصبحوا علماء، الذين ينجحون و يتمكنون من الوصول الى مرتبة الاديب هم ما يطلق عليهم اذن ادباء و الطلبة الذين يتمكنون من الحصول على الدكتورة في العلوم ثم يحصلون على جائزة و اعتراف من المجتمع العلمي فقط هم من نسميهم علماء.
لذلك عندما أقول اديب او عالم فلا اقصد به فقط من يدرس في هذا المجال او ذاك، بل من يظهر عبقريته فيه و ينال اعتراف المتخصصين في المجال الذي اختار التخصص فيه، و لذلك فكلاهما العلوم الطبيعية و الادب صعبان بمعايير الجهد الذي يبغي بدله فيهما للوصول الى درجة عالم او اديب، فإذا كان هناك من يدعي ان العلوم اصعب من الادب بإمكاني ان اثبت له العكس، و اذا كان هناك من يدعي كون الادب اصعب من العلوم (الطبيعية دائما) استطيع ان اثبت له العكس كذلك، فما نراه غاية في الصعوبة نراه من وجهة نظرنا فقط و من خلال تجاربنا الشخصية و ليست احكامنا مطلقة ، فالصعب صعب فقط لمن يراه كذلك، لان الاخر غيره قد يراه اسهل ما يكون.