عليك بالتسامح مع أخطاء الآخرين لانك تخطئ ايضا

 اليوم، 21 ماي 2021 عند حوالي الساعة 10:26 نجوت بأعجوبة من حادث خطير على الطريق الرابطة بين تارودانت وتالوين. كنت أنوي أخذ قنينة ماء لأشرب منها اثناء السير بسرعة 80 كلم/س وبمجرد ان رفعت رأسي بعد ثانية وجدت نفسي اسير على جانب الطريق واهتزت السيارة عدة مرات وكانت على وشك ان تنقلب.

حاولت اعادة السيارة الى الطريق لكن العجلة اليسرى اكتسحت حيزا كبيرا خارج الطريق على الحجارة، كما أنني على علم انه اذا ادرت المقود بقودة وبزاوية كبيرة محاولا العودة الى الطريق فستنقلب السيارة، بل كانت على وشك ان تنقلب مرتين!! لكن حاولت ان ابقيها مستقيمية رغم اني اسير على حجارة وشوك ولا اعلم بالتحديد ما الذي يأتي في الامام. فخرجت السيارة كليا بعد تجاوز عدة مطبات الى المطبة الاخيرة والاخطر بسبب ارتفاعها نتيجة ارتفاع الطريق مقارنة بالمستوى العادي للأرض. كل هذا حدث في أقل من أربع ثواني، لكن بطريقة ما اتذكر كل تفاصيله.
لم تنقلب السيارة ووجدت نفسي بعد عدة أمتار من الطريق كما ان المحرك انطفئ وبقي مبدل السرعة على السرعة الخامسة 5ème.
نزلت من السيارة وانا لا ازال في حالة دهشة تفحصت السيارة ولا يبدو انها اصيبت بشيء ولم ينكسر شيء ما عدا اطار العجلة الامامية الذي اعوج بقليل ولكن ضربة واحدة من عند مصلح للعجلات في بلدة أرزان بدون نزع العجلة كانت كافية لازالة التشوه ولم يطلب مني مقابلا.
عندما نزلت وتفحصت السيارة، تتبعت اثر العجلات ووثقت الحادث بالصور، ظهرت شاحنة اغاثة ووقق صاحبها ليسألني عن حالي واخبرته ان كل شيء على ما يرام كما اخذت من عنده رقم هاتفه تحسبا لعطل ما اذا ظهر على السيارة في الدقائق القادمة. لحسن الحظ اشتغل المحرك والمكان الذي رست فيه السيارة كان بالقرب من طريق غير معبدة تؤدي للطريق الرئيسية، فسلكتها بمساعدة رجل الاغاثة ذاك وراع اللذان وجهاني حتى عدت للطريق الرئيسية. كنت اسير واتمنى الا يظهر اي عطل في المحرك او في مكان في السيارة، وتوقفت في بلدة أرزان وتفقدت البضاعة التي كانت داخل السيارة ووجدت ان بعضها انقلب على بعض واختلط واخرى اخرجت من غلافها الذي يحاقظ عليها عادة؛ هذا هو الكابوس الحقيقي بعد عدم حدوث اي مكروه السيارة، ففي الايام العادية يأخذ منك وقت وجهد كبيرين لتنظيم البضاعة في السيارة، اما بعد هذا الحادث فإني بحاجة لثلاثة ايام على الاقل لاعيد الامور الى نصابها. لكن لا اعتقد اني سأخصص لهذا العمل 3 ايام وذلك بسبب ضغوط اخرى.
اليوم وبمجرد ان دخلت الى تالوين واكلت وجبة الغذاء ونمت قليل، عملت على ترتيب البضاعة من الساعة 15:40 حتى الساعة 19:50. ولا شك اني سأستيقض باكرا عند الساعة السادسة 6:00 واعمل بدون كلل ولا  ملل كي اعيد كل شيء لموضعه بحلول الساعة الرابعة مساءا، رغم اني على علم ان هذا الوقت لا يكفي، الا انه لا بد ان اسرع وسأخصص ساعة او ساعة ونصف كل يوم فقط لتغليف البضاعة وتنظيمها وفق النوع والحجم ...الخ.
لقد كنت محظوظا ان السيارة لم تنقلب، ومحظوظا ان المحرك اشتغل، ومحظوظا ان السيارة لم ينكسر فيها شيء بعد تلك الحجارة والمطبات الخطيرة، ومحظوظا انني لم اصل الى تلك الاشجار الخشنة امامي في الطريق، ومحظوظا انه لم تكن هناك صخرة كبيرة امامي، ومحظوظا انني لم اتقابل واصطدم بسيارة او شاحنة اخرى، ومحظوظا ان المنطقة لم تكون جبلية فيها صخور ومنحدرات عالية... محظوظ بكل معنى للكلمة.
طبعا بعد هذا الحادث الذي هو الاول من نوعه والذي وقع نتيجة عدم الاكتراث وكثرة التفكير والضغط النفسي، جعلني اعتذر في نفسي لعدد من الناس في حياتي، والذين كنت اعاملهم بقسوة اذا لم يعرفوا كيف يقومون بشيء ما، فقد احسست اني استحق ان اكون الأغبى، فعدم الانتباه ووقوع هذا الحادث بكل سهولة جعلني اعيد التفكير في طريقة التعامل مع الاخرين.
اذ بما أنني أرتكب الاخطاء، اخطاء فادحة في الحقيقة، فلماذا انتقد بشدة الاخرين بسبب اخطائهم، لماذا احيانا احب ان اريهم لماذا هم مخطئون وأنا على صواب؟ أرى انه لابد من التسامح في ارتكاب الاخطاء tolerate mistakes. اذا ارتكب شخص ما خطأ ما فلا داعي لتذكره به كل مرة تلتقي به، ولا تجعله يحتقر نفسه بسبب ذلك الخطأ، وانعت له الأمل والبدائل وليس اغراقه في ذلك الخطأ حتى ينسى كل شيء ايجابي في حياته ويعيش فقط على وقع ذلك الخطاء.
انه درس مهم استوعبته، فأنا رغم كوني اقدم النصيحة للاخرين وأحاكمهم ولا اتسامح مع الاخطاء، الا اني ارتكب احيانا اخطاءا أسوأ من ٱخطائهم، ولا اتبع بالضرورة النصائح التي اقدمها لهم. لذلك لابد من التسامح مع الاخطاء والتركيز على الاجابيات والانجازات التي من شئنها ان ترفع من ثقة الاخر بنفسه  ويتغلب على أخطائه ومخاوفه.
تالوين، 21 ماي 2021، 22:11