كيف يمكن للمغرب أن يتقدم وهو لا يزال يتابع من "يفطر علنا في رمضان"

 من سخرية القدر أن الدولة المغربية بترسانتها القضائية والبوليسية لا تبحث عن الجائعين لتطعمهم، بل تستخدم هذه الترسانة لمعاقبة تلاميذ أكلوا وشربوا نهار رمضان، وهذا الخبر أورده موقع هسبريس تحت عنوان "أمن مراكش يحقق في إفطار علني أمام مدرسة ". 

وعندما بدأت أقرأ التعليقات تحت المقال وجدت أن معظم المعلقين اشمئزوا من "الحادث" والذي يعتبره معظمهم "فضيحة أخلاقية" وآخرون يحملون الآباء كل المسؤولية في "عدم تربية أبنائهم" وآخر يعلق "ثوابت الأمة خط احمر لا يستهزأ بها ولا للعب بمشاعر عقيدة المغاربة" وآخر يقول "...هاهي نتائج حقوق الطفل هاهي نتائج المنظمات الحقوقية..."، إلا بعض التعليقات التي استكرت تدخل الأمن في والدولة في الحياة الخاصة للمواطنين ومعاقبتهم بتهم تعود للعصور الوسطى وما قبلها.

نعم ففي هذا البلد المتخلف الذي يغلب عليه طابع الأمية والجهل والنفاق، تحاسب الدولة مواطنين اختاروا بكل حرية الأكل في نهار رمضان ! إني لا أزال أحاول استيعاب أو فهم كيف يمكن للأكل في رمضان ان يكون فضيحة او يخدش الحياء او يستهزأ بالعقيدة الإسلامية؟ ولماذا كل هذه الكراهية والحقد تجاه من لا يصوم؟ لو سألت مغربيا ما إذا كان يدافع عن حرية العقيدة فسيجيب بالإيجاب وربما يضيف كلمة "لكن" كي يجعل حرية العقيدة تتوافق وفق هواء، ويستعمل كلمة "لكن" ليستطرد ويعبر عن الفكرة العفنة في مخه: لا يدافع عن حرية العقيدة ويحب ممارسة الديكتاتورية واضطهاد الآخرين خاصة اذا كانوا يشكلون أقليات.

في رأيي إن "تهمة" الأكل في رمضان في مكان عمومي من التهم المضحكة وليست حتى تهمة حقيقية، فهل يمكن ان تتهم انسان يمارس حقه الطبيعي في الأكل؟ مثلا هل يعقل ان تتهم انسان اشترى قلم أزرق بدل أي لون آخر؟ هذه "التهمة" السخيفة تفضح المغرب أمام الدول المتقدمة، ولابد له أن يخجل من هذه الممارسات الديكتاتورية تجاه مواطنين اختاروا الأكل في رمضان في مكان عام؛ هؤلاء المواطنين قد يكونون مسلمين أو لادينيين او مسيحيين أو يهود... آلخ. وأتمنى ان يسقط الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي في القريب العاجل وينعم المواطنين بالحرية في اختياراتهم وعقائدهم وألا تتدخل الدولة في اختياراتهم العقدية.