نموذج للمعضلات الأيديولوجية التي يعاني منها الأمازيغ

من بين أبرز وأولى المعضلات التي يعانيها الأمازيغ في شمال افريقيا ان هناك تيارين ايديولوجيين مهيمنين على الدول في المنطقة هما تيار الاسلاميين بمختلف اشكاله وتيار العلمانيين اليساريين العروبيين. وهما معا يتنكران للهوية الامازيغية وللاصول الامازيغية، اذ يختلفان كثيران ويتصارعان لكنهما متفقان جيدا على معاداة الامازيغية لغة وهوية وواقعا.
أيديولوجيا التعريب
البارحة بث برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة حول التدخل التركي في ليبيا، وكان احد الضيفين من تونس قومي عروبي ضد التدخل، والاخر اسلامي من ليبيا يدافع عن التدخل التركي. واثناء مشاهدتي للحلقة انتبهت للغة المسعملة حيث الكلمات يغيب اي مصطلح يعبر عن الهوية الامازيغية لليبيا، وعلى العكس من ذلك هناك فقط "المغرب العربي، العروبة، الامة العربية، اسلاميين، الخلافة..."
فالمتحدث من تونس رغم تنديده بالتدخل الاردوغاني ورفضه لاطروحة الاسلاميين، حيث رأى في تركيا بلدا استعماريا وذكر بماضي الدولة العثمانية الارهابية في المنطقة؛ وهي نقطة تحسب له، الا انه متعصب للعروبة ويرى في بلدان شمال افريقيا بلدان عربية، في تنكر كامل للهوية الامازيغية والواقع الامازيغي لبلدان شمال افريقيا، وهو ما يعاب في امثاله من التعريبيين اصحاب التيار العروبي الذين رسخوا التخلف والديكتاتورية في بلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط.
الطرف الثاني وهو من ليبيا استضيف على البلاطو يمجد تركيا وأردوغان ويرى من خلال التدخل التركي فرصة لحل النزال في ليبيا، لكنه تهرب من اسئلة "ما الذي يضمن ان التدخل التركي سيحل المشكلة؟ ما الذي يضمن انه لن يؤدي لسوريا ثانية؟..." وفي جميع الاحوال فهو كغيره من الاسلاميين لديهم اطماع عابرة للقارات ولا يعترفون بحدود الدولة ما دام مسعاهم اقامة دولة الخلافة في البلدان ذات الغالبية المسلمة، وكنظيره التونسي، فلم يشر لاي من مظاهر الهوية الامازيغية لشمال افريقيا.
وبخصوص البرنامج الذي يقدمه فيصل القاسم بل وقناة الجزيرة باكملها فهي منحازة للاسلاميين وترى تركيا نموذج "اسلامي" يحتذى به. وهذه معضلة من المعضلات التي تواجهها شعوب الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الامازيغ من جهتهم لابد ان يستوعبوا هذه اللعبة ويخدموا حضورهم وهويتهم ويضغطوا اكثر على بلدان شمال افريقيا لتنسحب من ما يسمى الجامعة العربية وتخلق تكتلات جديدة تعترف بالهوية والواقع الذي يشهد حضور وتواجد العمق الامازيغي.